الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى ( المقال17 ) في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر ــ أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) ــ الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى ــ في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر ــ رؤية تحليلية و تحقيق و دراسة فقهية

الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى ( المقال17 )
في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر ــ
أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) ــ
الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى ــ
في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر ــ
رؤية تحليلية و تحقيق و دراسة فقهية نقدية مقارنة ــ
بقلم الباحث \ جمال الشرقاوي \
( المقال 17 )

حقوق الطبع و النشر و التوثيق محفوظة للكاتب الباحث الأستاذ : جمال الشرقاوي \

مقدِّمَة و بداية مُهِمَّة :
ــــــــــــــــــــــــــــ
تتحدث عن الجذور و الأصول البعيدة للإسلام الكامل الشامل الواضح و عن الرسول صلى الله عليه و سلم من الكتب المقدسة
( قدر استطاعة الباحث , و قدر ما ألهمني به الله تبارك و تعالىَ , و قدر ما وقع تحت أيدينا من مصادر و مراجع للبحث .. و الله تعالىَ المستعان )

السبب الرئيسي للكتابة عن ( الإسلام ) و جذوره البعيدة ( الإسلام ) الكامل الشامل الواضح , في موضوع مثل
( الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصُغرىَ )

لإن كل العالم .. كل العالم , و المخلوقات في كل العالم على اختلاف أنواعه و أشكاله و اتجاهاته الفكرية لهم ديناً واحداً , و هو ( الإسلام ) فهو المقياس الشرعي و ( التشريعي ) و ( العقائدي ) الذي أرادته السماء , و الذي سَيُحَاسَبُون عليه أمام الله تعالى يوم القيامة سواءً شاءوا أم رفضوا , و لذلك فالحكم على هذه القضية يأتي من منطلق أنهم داخلون تحت مظلة تشريعية و عقائدية واحدة و هى مظلة ( الإسلام ) الكامل الشامل الواضح , و الحكم الذي سيكون لشخص واحد , هو ذات الحكم الذي سيكون لملايين البشر , فلا يتحجج أحدٌ من الناس بأنه يهودي أو نصراني , و لا يتبجح أحدٌ من الناس بأنه بوذي أو بهائي , و لا يكذب على نفسه أحدٍ من الناس بأنه كافراً مشركاً لا يؤمن بإله , فكل هذه أباطيل و الرد عليها سيأتي من داخل كلامنا بصورة ضمنية أو مباشرة عن ( الدين ) أو ( الإسلام ) الذي ارتضاه الله تعالى ( ديناً ) و ( إسلاماً ) لجميع المخلوقات قبل خلق هذه الدنيا و العالم ...

بالطبع كما قلنا و نؤكد أن رسالة الإسلام هى رسالة واحدة و ليست مجموعة رسالات , و إنما نزلت من السماء للأرض على أجزاء لكل نبي أو رسول جزءً معه , و كذلك شريعة الإسلام واحدة و ليست مجموعة شرائع , مع كل نبي أو رسول جزءً معه من هذه الشريعة , و لعل هذا هو السبب الرئيسي في تعدد و تنوُّع إرسال الأنبياء و الرُسُل على أزمنة متفاوتة و مختلفة , فربما لم يكن يَسِع البشر أن يفهموا رسالة السماء أو ( الدين ) أو ( الإسلام ) كما سَمَّاه الله تعالى , بمفهومه الكامل الشامل الواضح مَرَّة واحدة , أو يصْعُب عليهم الإنصياع لله تعالى إذا نزل عليهم الشرع كله مَرَّة واحدة , و ذلك من الناحية التشريعية العملية أو التطبيقية العملية ( الشريعة ) أو التشريعية و هو المفهوم من قوله تعالى
{ إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا ٥ }
[ المُزَّمِّل \ 5 ]
الشاهد هنا
ــــــــــــــــــــ
{ قَوۡلٗا ثَقِيلًا }
و المراد من هذا الشاهد أو معناه , أن الله تعالى أنزل على سيدنا و مولانا محمد النبيِّ رسول الله صلى الله عليه و سلم ( الشريعة ) , و من المعلوم أن الجزء الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم , هو الجزء الأصعب , هو ( الجزء الثالث ) و الأكبر و الأهم و الأشمل من الشريعة الإسلامية الكاملة الشاملة الواضحة , أو قل ان شئت من ( الدين ) أو ( الإسلام ) , و لذلك تغيَّر شكل المجتمع و تغيَّر تفكير الناس كما تغيَّر مفهوم الحياة بعد نزول الجزء الثالث من الشريعة الإسلامية على سيدنا و مولانا محمد صلى الله عليه و سلم , و الدليل على صحة قولنا و استنتاجنا هو أن الأيات التي نزلت بعد هذه الأية
{ إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا ٥ }
[ المزمل \ 5 ]
تتكلم كلها عن التطبيق العملي أو التدريب العملي , أو التطبيق العملي الإجتماعي الواقعي للشريعة الإسلامية الشاملة بمفهومها الكامل الشامل الواضح مثل
{ إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا ٦ إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبۡحٗا طَوِيلٗا ٧ وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلۡ إِلَيۡهِ تَبۡتِيلٗا ٨ رَّبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱتَّخِذۡهُ وَكِيلٗا ٩ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا ١٠ وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا ١١ }
[ المزمل \ 6 \ 7 \ 8 \ 9 \ 10 \ 11 ]
الشاهد الأول
ـــــــــــــــــــــ
{ إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا }
صلاة الليل , صعبة جداً على الإنسان فعلاً , و لذلك لم يُوجبها الله تعالى على المسلمين , فهى نافلة
و قد وَرَدَ في السُــنــَّة النبوية الشريفة
[ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، أخبرنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ ]
( المصدر : كتاب : سنن ابن ماجة ـــ المؤلف : ابن ماجة القزويني ـــ باب : ما جاء في قيام الليل ـــ الجزء : 2 ــ الصفحة : 357 )
الشاهد
ـــــــــــــــ
[ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ ]

(( قُلْتُ : أنا الباحثُ ))
ـــــــــــــــــــ
( هذا حديث صحيح )
و أيضاً صحيح في صحيح البخاري , و صحيح في سنن ابن ماجة , و صحيح في سنن النسائي , و صحيح في مسند أحمد , و صحيح في صحيح ابن حبان , و صحيح في صحيح الإمام مسلم .. و هذا الحديث عندي صحيحاً لأنه يوافق ضعف النفس البشرية التي تميل إلى الراحة فإن عملت الكثير من العمل بشكل مستمر ربما يحدث لها الفتور و الضعف , و هذا موافقاً للواقع و طبيعة الإنسان , و صحيحاً لكثرة رواياته و تعدد طرقه الصحيحة رغم كلام و أقوال العلماء و الفقهاء في .. الوليد بن مسلم : أحد رواة الحديث , إلّا إن الرواية صحيحة من وجوه كثيرة كما ذكرنا و أهم هذه الوجوه موافقة الحديث للقرءأن الكريم و للسُـنــَّـة النبوية الصحيحة , و للواقع , و لفطرة الإنسان أمام ثفل المهمة التي ألقاها الله تعالى على عاتقه ... و بالرغم من قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث [ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ ] و لم يُسَمِّه باسمه , فذلك ليس قَدْحَاً في متن الحديث و لا في سنده , لإن الذي قال ذلك هو رسول الله صلى الله عليه و سلم , و إبهام إسم الرجل و عدم تسميته من الرسول صلى الله عليه و سلم , ربما يرجع لثلاثة أسباب
ـــ السبب الأول ـــ
ــــــــــــــــــــــــــــ
ربما نَسِيَ الرسول صلى الله عليه و سلم إسم الرجل .. و هذا عندي احتمال وارد و لكنه ضعيفاً بل ضعيفاً جداً
ـــ السبب الثاني ـــ
ـــــــــــــــــــ
ربما لإن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يريد التشهير بالرجل فيكون بقوله إسم الرجل فضحه , و هذا عندي احتمال كبير جداً
ـــ السبب الثالث ـــ
ـــــــــــــــــــــــــ
ربما لإن النبي صلى الله عليه و سلم , كان يريد توضيح أمراً ما , و هو أن الإنسان يكون معتدلاً في حياته و كذلك وسطيَّاً في عبادته حتىَ لا يَفْتُر و يَضْعُف فلا يتعبَّد بعد ذلك , لإن الهمَّة الزائدة في العبادة في أغلب الأحيان تكون مدخلاً من مداخل الشيطان الرجيم و وسوسته لنفس الإنسان , و كذلك تكون مدخلاً للشيطان الرجيم لهدم الروح المعنوية للعابد النشيط , و قد وضَّح النبي صلى الله عليه و سلم ذلك و انتهىَ الأمر بدون الأهمية لذكر إسم الرجل
و بُناءَاً عليه فلا يقدح عدم وجود إسم الرجل في الحديث في ضعف المتن أو السند = خاصة = إذا كان الذي نسيَ أو أبهم عن تَعَمُّد إسم الرجل , هو النبي صلى الله عليه و سلم , لأنه لا ينطق عن الهوىَ , و لكن إذا نسيَ أحد الرواة إسم الرجل و قال مثلاً ( فلان ) أو قال مثلاً ( عن رجل ) أو قال مثلاً ( عن فلانة ) فهذا لا يقدح في المتن و لكنه يقدح في السند , خاصة إذا كان المتن يتماشىَ مع القرءان الكريم و السُـنــَّـة النبوية الصحيحة و الواقع و العقل , و لكن إذا كان القدح في السند و كذلك في المتن ( نص الحديث ) هنا يكون الحديث ضعيفاً أو منكراً او باطلاً أو ليس له أصل في السُـنــَّـة , أو مردوداً على صاحبه , و لذلك فهذا الحديث عندي صحيحاً بإذن الله تعالى

الشاهد الثاني
ـــــــــــــــــــــ
{ إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبۡحٗا طَوِيلٗا }
و كذلك التسبيح و الذكر طيلة النهار صعباً جداً على النفس البشرية , و لذلك لم يجعله الله تعالىَ واجباً على المسلمين , و الدليل على ذلك حديث ( يا حنظلة ساعة و ساعة )

حديث : يا حنظلة ساعة و ساعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ حَنْظَلَةَ التَّمِيمِيِّ الْأُسَيْدِيِّ الْكَاتِبِ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ ، فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَوَلَدِي فَضَحِكْتُ وَلَعِبْتُ ، وَذَكَرْتُ الَّذِي كُنَّا فِيهِ ، فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ ، فَقُلْتُ : نَافَقْتُ نَافَقْتُ . فَقَالَ : إِنَّا لَنَفْعَلُهُ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : يَا حَنْظَلَةُ ، لَوْ كُنْتُمْ تَكُونُونَ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ - أَوْ فِي طُرُقِكُمْ ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَ هَذَا ، هَكَذَا قَالَ هُوَ ، يَعْنِي سُفْيَانَ - يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ]
( حديث صحيح على شرط الإمام مسلم )

رواية أخرى للحديث
ــــــــــــــــــــــــــــ
[عن حَنْظَلة الأسَيِّدي أنه قال : انطلقتُ أنا وأبو بكرٍ حتَّى دخلْنَا على رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقلتُ : نافَقَ حَنظلةُ ، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : ومَا ذَاكَ ؟ قلتُ : نَكُونُ عندَكَ تُذَكِّرنا بالنارِ والجنةِ كأنَّا رَأْيَ عينٍ ، فإذا خرجْنا عافَسْنا الأزواجَ والأولادَ ، والضَّيْعَاتِ نَسِينا كثيرًا ، فقالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : والذي نفسي بيدِهِ لو تَدومونَ على ما تَكُونُونَ عندي وفي الذكرِ ، لَصَافَحَتْكُمْ الملائكةُ على فُرشِكُم وفي طُرقِكُم ، ولكن ! يا حنظلةُ ساعةً وساعةً ــ ثلاثَ مرَّاتٍ ]
( المصدر : كتاب : مصابيح السُـنــَّة ــ المؤلف : البغوي ــ الشافعي : ـــ باب : ذكر الله عز و جل و التقرب إليه ــ الجزء : 2 ـــ الصفحة : 148 )
(( قُلْتُ : أنا الباحثُ ))
ـــــــــــــــــــــ
هذا حديث صحيح بمجموع طرقه و شواهده و رواياته العديدة
عافسنا : ــ أي : ـــ خالطنا و لاعبنا
( صحيح في صحيح الإمام مسلم )
الشاهد في الحديث
[ ولكن ! يا حنظلةُ ساعةً وساعةً ــ ثلاثَ مرَّاتٍ ]
يعني ... قال مولانا رسول الله صلى الله عليه و سلم
[ ولكن ! يا حنظلةُ ساعةً وساعةً ــ ساعة و ساعة , ساعة و ساعة ]
و التكرار على الفعل هو أنه أمر و ليس طلب , و النبي صلى الله عليه و سلم هو الأكبر قيمة و مقاماً و سناً من حنظلة , و لذلك فتكراره و تشديده على [ ساعة و ساعة ] يدل على أن الترف مطلوب لراحة النفس البشرية , و لكن كيفية الترف متروكة للشخص الذي سيمارس عملية الترف و الترويح و ليس متركة لعالم يتحكم فيه بالريموت كنترول و يقول له الترفيه في الحلال و ليس في الحرام , الترفيه و الترف و الترويح حقيقتها يختلط فيها الحلال بالحرام , يختلط فيها الضحك بالجد و لذلك ليس فيها حلال بيِّن أو حرام بيِّن , و الترفيه و الترويح مطلوب للنفس و البدن بعد عناء العمل و مرارة الشقاء و تعب العبادة , فهل يأتي لنا نطعاً سلفياً ليزعُم لنا في الترفيه و الترويح بالحلال و الحرام ؟؟!! هل نعيش نحن كالملائكة ؟! إذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكونوا ملائكة و هم في خير القرون و كانوا مع أعظم إنسان أنجته البشرية و هو مولانا رسول الله صلى الله عليه و سلم !!! فماذا نحن فاعلون في أخر الأزمنة و أسوأ القرون ؟! ما أخبارنا نحن ؟! و لذلك كان التشديد في [ ولكن ! يا حنظلةُ ساعةً وساعةً ــ ساعة و ساعة , ساعة و ساعة ]

[ فقد روى مسلم عن أبي عثمان النهدي عن حنظلة الأسيدي قال : وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة ؟ قال: قلت : نافق حنظلة! قال : سبحان الله ، ما تقول ؟ قال : قلت : نكون عند رسول الله صلى عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين ، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً . قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا ، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك .قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنا رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ؛ إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم ، وفي طرقكم ، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات ]
( حديث صحيح : رواه البخاري )
الشاهد الثالث
ــــــــــــــــــــــ
{ وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلۡ إِلَيۡهِ تَبۡتِيلٗا }
( يعني ) التقرُّب من الله تعالى بصفة دائمة مستمرة و الخضوع له و الإنقياد بشكل مستمر , و النفس البشرية تميل إلى الحرية و الإنطلاق , و هذا أيضاً صعباً جداً على المسلم , و انظر للدليل القرءاني الأتي
{ وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ ٧٧ }
[ القصص \ 77 ]
الشاهد هنا
{ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ }
و المعنى المُراد من هذه الأية القرءانية الكريمة , كما جاء الأمر من الله تعالى بالنظر لأمور الأخرة , أيضاً جاء الأمر منه سبحانه و تعالىَ بأن يأخذ الإنسان حظه من الدنيا بحلوها و مرها و خيرها و شرها و حلالها و حرامها , فكلُ يأخذ نصيبه من الدنيا بحسب مقدرته و ذكائه و معطيات المجتمع و الواقع , و بحسب ظروفه الشخصية الخاصة , إذ ليس كل الناس بدرجة قوة واحدة لفعل الخير أو لفعل الشر , و ليس كل الناس بدرجة قوة واحدة على الصبر و الإحتمال , و ليس كل الناس بدرجة قوة واحدة في الإيمان , و بالقطع و بالتأكيد و بالطبع إن الله تعالى لن يقول للناس إعملوا المنكرات و الفواحش و الأثام و المعاصي و الخطايا و الذنوب , و لكنه قال لهم برفق و لين و مودة
{ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ }
و كل يأخذ بحسب ظروفه و بحسب معطيات الواقع و المجتمع له , و الله أعلم بظروف و شئون مخلوقاته , و أمرهم إليه إن شاء عاقبهم و إن شاء عفا عنهم
و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم

الشاهد الرابع
ــــــــــــــــــــــــ
{ رَّبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱتَّخِذۡهُ وَكِيلٗا }
و إذا كان الله تعالى وكيلاً للعبد المسلم , فهذا يُعني أن المسلم لن يفعل ما يريد و لكن ستكون إرادته هى تابعة لإرادة الله تعالى , و هنا يصبح المسلم مُقَيَّدَاً من الله تعالى ( بالوكالة ) و مُقَيَّدَاً بالله تعالى و مرتبطاً مصيره بالله تعالى في كل شئونه و أقواله و أفعاله , و هذا من أصعب الصعوبة على الإنسان و على نفسه الأمَّارة بالسوء , و للأسف خلق الله تعالى الإنسان و جعله مُخَيَّرَاً و ليس مُجْبَرَاً و الإنسان منفطر على الخير و الشر و الجد و الهذر و يحمل في داخله جينات فناءه و بقاءه و حياته و مماته , أيضاً يحمل في داخله بذرة الإيمان و بذرة الكفر , و لذلك يقبل الله تعالى من الإنسان التوبة و لو حتى ساعة أو لحظة الموت , فقال الله تعالى جل في عُلاه
{ فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا ١٠ }
[ نوح \ 10 ]
الشاهد هنا
{ فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا ١٠ }
{ غَفَّارٗا } أي : ـــ كثير المغفرة و التوبة و العفو لعباده
الشاهد الخامس
ـــــــــــــــــــــــ
{ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا }
و هنا نرىَ أن الله تعالى يطلب من المؤمنين و المسلمين في شخص النبي محمد صلى الله عليه و سلم أن يصبر على الأذىَ و احتمال المكاره , و من أصعب الصبر على الأذىَ هو الصبر و الصمت و السكوت و السكون و الركون إلى جنب الله تعالى , حينما يقذفك أو يشتمُك أو يتقوَّل أو يكذب أو يزعم عنك أحداً بشيءٍ لم يكن فيك , و أنت تعلم أنه ظالم و أنت مظلوم , و مع ذلك يأتي الأمر الإلهي بأن يهجر المسلم مَن يؤذيه بالقول أو بالفعل حتى لو كان باستطاعة المسلم الرد على مَن يؤذيه , إلَّا أنه جاء إليه الأمر من الله تعالى بالهجر الجميل , أي : ــ تهجر مَن أذاك و أنت تبتسم و أنت تقوله له ( عن إذنك ) أو تقول له ( من فضلك ) أو تقول له ( السلام عليكم ) و المقصود هنا هو ( معاملة مَن اذاك بالحُسنىَ ) و هذا لن يتيسر للجميع , و الله تعالى ذكر في هذه الأية ( أذىَ القول ) أو ( اذىَ اللسان ) لِمَا له من أثراً طويلاً في النفس البشرية من الألم , وكذلك لأن اللسان يظل دائماً يتكلم و لا يوجد أسهل من الكلام في حق الغير بالأذىَ أكثر من أي عضوٍ أخر في الجسم , و ذلك أيضاً صعباً جداً على النفس البشرية و هو الأذى المستمر و لو باللسان , و هذا ما أكدته الأيات القرءانية التي سنوردها لكم
{ وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمنِٰ ج ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا ٦٣ }
[ الفرقان \ 63 ]
الشاهد هنا
{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا }
الشاهد السادس
ـــــــــــــــــــــــــــ
{ وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا }
و هؤلاء عقابهم في الدنيا و الأخرة
فعقابهم في الأخرة كالأتي
{ قَالَ ٱدۡخُلُواْ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِي ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٞ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعٗا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَٰٓؤُلَآءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابٗا ضِعۡفٗا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلّٖ ضِعۡفٞ وَلَٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ ٣٨ }
[ الأعراف \ 38 ]
الشاهد هنا
{ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعٗا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَٰٓؤُلَآءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابٗا ضِعۡفٗا مِّنَ ٱلنَّارِۖ }
و المقصود هنا هو , أنهم لمَّا دخلوا النار و تلاعنوا فيها , لجأوا إلى مَن ؟! إلى كبراؤهم في الدنيا ؟! لالالا ... لجأوا إلى سادتهم في الدنيا ؟! لالالا ... لجأوا إلى شياطينهم في الدنيا و أولياؤهم في الضلال و الفساد في الدنيا ؟! لالالا ... إنما لجأوا إلى ( ألله جل جلاله ) لجأوا إلى ( ألله سبحانه و تعالى )
{ قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا }
لأنهم يكذبون على أنفسهم , في ضمائرهم يعلمون أن الله تعالى حق , و لكنهم يطمسون الحق بعد أن قتلوا ضمائرهم
و أمَّا عذابهم في الدنيا و الأخرة كالأتي
{ وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥ }
[ طه \ 125 ]
الشاهد الأول
العقاب في الدنيا
{ وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا }
الشاهد الثاني
العقاب في الأخرة
{ وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ }
هؤلاء هم الذين كذَّبوا الله تعالى و كذَبوا عليه عز و جل
يطلب الله تعالى من المسلمين في شخص النبي محمد صلى الله عليه و سلم أن يتوكلوا على الله تعالى و لا يحملوا أي هَم لأمر الكافر و المشرك و الملحد و الزنديق و المعاند , فقد تكفل الله تعالى بأمرهم و سوف يعاقبهم في الدنيا في الوقت المناسب و الزمان المناسب , كما أن لهم موعداً لن يًخْلَفُوهُ في الأخرة , و هذه أيضاً تكون صعبة على المؤمن أن يُلَجِّم نفسه من أن يغضب لله تعالى أو يغضب لرسوله صلى الله عليه و سلم , حينما يُسَب الله تعالى أو يُسَب رسوله صلى الله عليه و سلم , و لكن هذا طلب و أمر من الله تعالى برفق للمؤمنين و المسلمين , و فيه ما فيه من الرحمة لهم , فإذا سَبَّ أحداً من الأشخاص الله تعالى و كفر به و كان هذا الشخص ذو حماية و منعة كرئيس دولة مثلاً فَمَن يستطيع أن يفعل له شيئاً ؟! ففي ذلك ما فيه من الحرج على المؤمن و المسلم إذا لم يستطيع الرد عليه , لذلك تكفَّل الله تعالى الكفيل بالرد على أمثال هؤلاء بعد إمهالهم

و كما رأينا كل هذه تطبيقات أو تدريبات عملية على الشريعة الإسلامية و كلها تصعب على النفس البشرية , رغم جمالها و حلاوتها و نهاية مطافها الجنة , و لذلك كلها غير واجبة على المؤمن أو المسلم , و لكنها كلها خير , فليأخذ كل إنسان من الخير على قدر استطاعته , و من عَجَزَ فإن الله غفور رحيم , و مَن كان مُضطراً , فإن الله رحيم بعباده و يعلم مستقرهم و مستودعهم .
و لذلك نزلت الشريعة جزءاً جزءاً مع كل نبي أو رسول جزءاً منها
أمَّا العقيدة فلها وضعاً أخراً , فقد نزلت كلها دفعة واحدة , و لكن التشريع نزل بأجزائه مع كل نبي أو رسول جزءَاً واحداً , و هذا هو المعهود في رسالة السماء , فحين يريد الله تعالى أمْرَاً , أنْفَذَهُ و لكن على قدر طاقة المأمور بهذا الأمر , فالتحليل مثل العقيدة يأتي مَرَّة واحدة , و التحريم كمثل الشريعة يأتي على دُفعات و مراحل حتى يعتاده البشر و يستطيعون تنفيذه بكل أريحية , مثل ما حدث مع موضوع ( تحريم الخمر ) في الرسالة المحمدية و هذا واضحاً في القرءان الكريم , و كذلك أصول الإسلام ( الدين ) جزءً واحداً و نزلت العقيدة كلها دفعة واحدة أو جزءً واحداً بداية من سيدنا أدم عليه الصلاة و السلام حتىَ سيدنا و مولانا محمد صلى الله عليه و سلم , و في المقال القادم رقم ( 17 ) التفصيل الرهيب لهذه المقدمة , و حَرِصْنَا على أن يكون التفصيل بسيطاً جداً ليفهمه أي قاريء و يهضمه أي سامع , بإذن الله تعالىَ
و بالفعل إن اليهودية هى ( جزءً أول ) من الإسلام , و النصرانية ( جزءً ثاني ) من ( الإسلام ) بمفهومه الكامل الشامل الواضح , و الرسالة المحمدية المشهورة و المعروفة هىَ ( الجزء الثالث ) و الأخير و الأكمل و الأوفىَ و المُتَمِّم لرسالة الإسلام ( الدين ) بمفهومه الكامل الشامل الواضح , الذي أراده الله تعالىَ لجميع الخلائق

القاهرة \ يوليو \ الجمعة 29 \ 7 \ 2022 م
الساعة 10 ليلاً \ أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) كاتب و شاعر و باحث \