اللغة العربية و أهميتها أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) مقال : اللغة العربية و أهميتها كتبه : جمال الشرقاوي

اللغة العربية و أهميتها
أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي )
مقال : اللغة العربية و أهميتها \
كتبه : جمال الشرقاوي \

حقوق الطبع و النشر و التوثيق محفوظة للكاتب الأديب الأستاذ : جمال الشرقاوي \

$اللغة العربية و أهميتها أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) مقال : اللغة العربية و أهميتها \ كتبه : جمال الشرقاوي \ Images11$

أولاً
ــــــــــــــ
عَرَبِيَّة القرآن الكريم و أهميَّة اللسان العربي من القرآن الكريم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تبارك و تعالىَ في القرآن الكريم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ ‌قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ٢ }
[ يوسف \ 2 ]
و الشاهد هنا { ‌قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا }
قرآناً عربياً و فيه التعَقُّل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ ‌قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا وَصَرَّفۡنَا فِيهِ مِنَ ٱلۡوَعِيدِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ أَوۡ يُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرٗا ١١٣ }
[ طه \ 113 ]
الشاهد هنا { ‌قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا }
قرآناً عربياً و فيه الوعيد لعل الناس تتقي الله تعالى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِي عِوَجٖ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ ٢٨ }
[ الزمر \ 28 ]
الشاهد هنا { قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا }
قرآناً عربياً لا يوجد به اعوجاجاً به أو أهواء و يهدي للطريق المستقيم و هو طريق التقوىَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ كِتَٰبٞ فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ‌قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ٣ }
[ فصلت \ 3 ]
و الشاهد هنا { كِتَٰبٞ فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ‌قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا }
قرأناً عربياً لِمَن يريد أن يعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ ‌قُرۡءَانًا أَعۡجَمِيّٗا لَّقَالُواْ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥٓۖ ءَا۬عۡجَمِيّٞ وَعَرَبِيّٞۗ قُلۡ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدٗى وَشِفَآءٞۚ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٞ وَهُوَ عَلَيۡهِمۡ عَمًىۚ أُوْلَٰٓئِكَ يُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ ٤٤ }
[ فصلت \ 44 ]
و الشاهد هنا
{ وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ ‌قُرۡءَانًا أَعۡجَمِيّٗا لَّقَالُواْ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥٓۖ ءَا۬عۡجَمِيّٞ وَعَرَبِيّٞ }
قرآناً عربياً و السبب أن اللغة العربية الغنية بمفرداتها و كلماتها و معانيها و جذور ألفاظها و مشتقاتها هى اللغة التي تستطيع تفصيل القرآن الكريم بكل ما فيه للعالم أجمع , و ذلك على عكس اللغة الأعجمية التي لو نزل القرآن بها فلن تكون وافية ً بأغراضه الكاملة التي نزل من أجلها أبداً لأن اللغة الأعجمية الغير عربية فقيرة في مشتقاتها و ألفاظها و لن تكون مفهومة من العالم كله كما اللغة العربية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ ‌قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ ٧ }
[ الشورى \ 7 ]
و الشاهد هنا { أَوۡحَيۡنَا إِلَيۡكَ ‌قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا }
قرآناً عربياً مُوحَىَ به من الله تعالى , فالقرآن الكريم هو لغة الوحي الإلهي للعالم أجمع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ ‌قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ٣ }
[ الزخرف \ 3 ]
و الشاهد هنا { إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ ‌قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗ }
جعله و أراده و خلقه بكن فيكون علىَ إرادته و مشيئته و حسبما كانت كيفيته فنحن نؤمن به كما أراده الله تعالى , و على مراد الله تعالىَ ـــ أقول ـــ أراده الله عز و جل أن يكون عربياً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا ‌عَرَبِيّٗاۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا وَاقٖ ٣٧ }
[ الرعد \ 37 ]
و الشاهد هنا { أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا ‌عَرَبِيّٗ }
و قد سمَّاه الله تعالى ــ حكماً عربياً ــ لأنه الذي سيسود العالم و يغزو الأمم و هو المهيمن و الناسخ لكل الشرائع التي قبله و هو الحكم على مَنْ قبله و الشاهد عليهم جميعاً لأن القرآن الكريم يحتوي علىَ أخبارهم و سِيَرَهُم و قصصهم و حياتهم و مجتمعاتهم و أخلاقهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا ‌عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ ١٢ }
[ الأحقاف \ 12 ]
و الشاهد هنا
{ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا ‌عَرَبِيّٗ }
و قد سمَّاه الله تعالى ــــ اللسان العربي ــــ لأنه باللغة العربية التي ارتضاها الله تعالى لتكون حاكمة على كل اللغات بنزول القرآن الكريم بها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ وَهَٰذَا لِسَانٌ ‌عَرَبِيّٞ مُّبِينٌ ١٠٣ }
[ النحل \ 103 ]
و الشاهد هنا
{ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ وَهَٰذَا لِسَانٌ ‌عَرَبِيّٞ مُّبِينٌ }
فاللسان الأعجمي ناقصاً بعُجْمَتِه و اللسان العربي كاملاً بفصاحته , و هما نقيضان لا يلتقيان , و هذا يُعَدُّ مدحاً في اللسان العربي الذي وصفه الله تعالى بأنه ( مبين ) أي ــ فصيح و ظاهر و مفهوم و واضح و بليغ , عكس اللسان الأعجمي الذي تعتبر العُجْمَة فيه منقصة له لعدم فصاحته و لعدم بيانه و لعدم بلاغته و لعدم قدرته على التعبير مثل اللسان العربي الذي نزل به القرآن الكريم و هو ( العهد الإلهي المقدس ) و ( العهد الإلهي الأخير ) لكوكب الأرض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤ بِلِسَانٍ ‌عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ١٩٥ }
[ الشعراء \ 194 \ 195 ]
و الشاهد هنا { بِلِسَانٍ ‌عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ }
و كما نعلم قد سمَّاه الله تعالى ( لسان عربي مبين ) و فيه النُذُر الواضحة كي لا يأتي أحداً من الناس يوم القيامة و الحساب فيقول لم أفهم و لم أعرف و لم تصلني رسالة القرآن الكريم , و إنما هو باللسان العربي المبين البليغ الفصيح البيِّن الواضح الصريح ليكون مفهوماً للعالم كله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( قلتُ : أنا الباحثُ ))
ـــــــــــــــــــــــــــ
(( نزول القرآن الكريم باللغة العربية ليس مدحاً في العرب و لا ذَمَّاً في غير العرب ))

نزول القرآن الكريم باللغة العربية ليس مدحاً في العرب و لا حباً في العرب و إلَّا لكان الله تعالى له أهواء ( حاشا لله تعالى ) و إنما نزول القرآن الكريم باللغة العربية هو ما ارتضاه الله تعالىَ و أراده , و لذلك فاللغة العربية التي هى لغة القرآن الكريم تجمع شعوباً غير عربية تحت لوائها في كل أنحاء العالم يتكلمون اللغة العربية نظراً لإسلامهم و حباً في الله تعالى و حباً في القرآن الكريم و هم ليسوا عرباً , و أشهر مثال على ذلك ... الدولة المصرية و الشعب المصري أكبر شعباً متديناً على مستوى العالم و أكبر شعباً محباً للغة العربية و أكبر شعباً مدافعاً عن الإسلام , و هو لا ينتمي للعرب فالشعب المصري ليس شبعاً عربياً إنما هو يمتلك قومية مصرية خاصة به , فالشعب المصري حفيد القدماء المصريين و ليس حفيد العرب , و حضارته هى الحضارة المصرية القديمة و ليس حضارة الجزيرة العربية و البدو و الأعراب , و لهذا الأمر بحثاً خاصاً وحده سنكتبه بإذن الله تعالى , و الحقيقة أن كل الشعوب في العالم العربي التي تكلمت اللغة العربية لغة القرآن الكريم فقد انتسبت للغة القرآن الكريم , اللغة العربية و لكن لم ينتسب القرآن الكريم للعرب , فهو الكتاب الذي نزل على العرب و لم يكتبوه العرب بأنفسهم , و هو الكتاب الذي حدد لهم معيار حياتهم و أخراهم و لم يحدووها هم بانفسهم , و هو الكتاب الذي شكَّل وجدانهم و عقلياتهم و لم يُشَكِّلوا هم واجدانهم و عقليات أنفسهم بأنفسهم ,
ثانياً
ـــــــــــ
أهمية اللغة العربية في تفسير القرآن الكريم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و لإن القرآن الكريم هو الكتاب الأول في حياة المجتمعات العربية , إذ يدور أي مجتمع إسلامي مع القرآن الكريم حيث دار , ففيه الحلال و الحرام , و فيه الطيب و الخبيث , و فيه ما أراد الله تعالى و ما لا يريد , و فيه كيفية معاملات المسلمين مع بعضهم البعض في المجتمع المسلم بل و نجد فيه إشارات كثيرة واضحة صريحة لكيفية التعامل مع غير المسلمين , كما نجد إشارات للإقتصاد و السياسة و أصول الحكم , و فن القيادة و كيفية الزواج و الطلاق بين المسلمين و بعضهم البعض و بين المسلمين و غير المسلمين , كما نجد وضوح الحقوق و الواجبات على كل فرد في العالم , تلك التي يطلقون عليها الغربيون و الأوروبيون ( حقوق الإنسان ) و لكننا نجدها في القرآن الكريم واضحة بلا غموض و بلا أهواء و مصالح على حساب الأخرين كما هى عند المجتمعات الغربية و الأوروبية , و لذلك كان لابد للمسلمين في أرجاء الأرض فهم هذا الكتاب بأي ثمن و بكل وسيلة لأنه الخلاص من عذاب الدنيا و الوصول لنعيم الأخرة :
[ تعد اللغة العربية من أهم مصادر تفسير كتاب الله جلَّ وعلا وذلك لأن القرآن نزل { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) } [ الشعراء : 195 ] فلا يمكن تفسيره إلا بالاعتماد على لغة العرب
وقد كان من بين المصادر التفسيرية عند الصحابة رضوان الله عليهم الاجتهاد وقوة الاستنباط، وكان من أهم أدوات ذلك الرجوع إلى اللغة العربية، ومعرفة أوضاعها وأسرارها ومصطلحاتها، ومعرفة أشعار العرب وعاداتهم في مخاطباتهم شعرًا ونثرًا، وكان الصحابة كثيرًا ما يستشهدون بأشعار العرب
يقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: الشعر ديوان العرب، فإذا خفي عليهم الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغتهم رجعوا إلى ديوانهم فالتمسوا معرفة ذلك
وكان من بعد الصحابة من التابعين وأتباعهم يؤكدون هذا المبدأ، وينبهون على خطورة التَّصدي لتفسير كلام الله -عز وجل- دون العلم بلغة العرب
يقول الإمام مجاهد بن جبر رحمه الله وهو تلميذ ابن عباس: لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلَّم في كتاب الله إذا لم يكن عالمًا بلغات العرب.
ويقول الإمام مالك رحمه الله: لا أُوتى برجلٍ يفسِّر كتاب الله غير عالمٍ بالعربية إلا جعلته نكالًا ]
( المصدر : كتاب : الكشف و البيان عن تفسير القرآن للثعلبي ـــ تحقيق : عدداً من الباحثين ــ باب : أهمية اللغة العربية في تفسير القرآن الكريم ــ الجزء : 1 ـــ الصفحة : 265 )

(( قلتُ : أنا الباحثُ ))
ــــــــــــــــــــــــــ
أحقية الصحابة في تفسير القرآن الكريم و بيان استشكال استشهادهم بأشعار العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً
ـــــــ
(( أحقية الصحابة في تفسير القرآن الكريم و الحديث النبوي ))

إن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم حينما كانوا يفسرون القرآن الكريم لم يكن يوجد غيرهم فكانوا هم في أنفسهم الحُفَّاظ للقرآن الكريم و كانوا هم الفقهاء و العالمون به و بأحكامه و كانوا هم دار الإفتاء و دائرة المعارف العلمية التي تقول في الدين الإسلامي بعمق و فهم عظيم و لا عجب في هذا فالقرآن الكريم قد نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم و هم معه و بين أظهرهم ... أي ـــ : أنه نزل فيهم و عليهم , و قد شهدوا كل الوقائع مع النبي صلى الله عليه و سلم , و هم الرعيل الأول و الجيل البطل و القدوة الغالية , الذي هاجر و ناصر و آوَىَ و جاهد و قاتل و ضحَّىَ بالغالي و الرخيص من أجل الله تعالى و في سبيل نُصرة هذا الدين الإسلامي العظيم , و لذلك هم أحق مَن يفسر هذا القرآن و إظهار أحكامه للناس بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم , و لذلك فكل صحابي منهم كان داراً للإفتاء و دائرة معارف وحده أخذ منهم العالم العلم الغزير الذي لا زال المسلمون حتى اليوم يعيشون به و عليه
ـــــــــــــــــــــ
ثانياً
ــــــــــــــ
بيان استشكال استشهادهم بأشعار العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( فالصحابة هم الذين حفظوا تاريخ و تراث و أشعار العرب ))
فالصحابة رضوان الله تعالى عليهم لم يستشهدوا بأشعار العرب طواعية و إنما هؤلاء الرجال الأفذاذ و ذلك الجيل الفريد في هذا العالم قد لجأوا لتفسير القرآن الكريم بأشعار العرب اضطراراً , و ذلك لأنهم كما قلنا هم كانوا أول و أحق الناس بتفسير القرآن الكريم بعد النبي عليه الصلاة و السلام , و لذلك لم يكن لديهم أي مستندات أو مراجع علمية أو دراسات يعتمدون عليها في تفسير القرآن الكريم و من هنا كان تفسير القرآن بالقرآن و كان تفسير القرآن بالحديث و كذلك كان تفسير الحديث بالحديث و تفسير الحديث بالقرآن الكريم كما كان عند الأشعرية أو على أقل تقدير هم أكثر مَن اعتمدوا على هذا الإسلوب في التفسير و قد كانوا يطلقون عليهم في ذلك الزمان ( أهل النقل ) , و أمَّا التفسير بالرأي فقد كان عند المعتزلة ( أهل العقل ) و المناظرات في ذلك الزمان أو كما كانوا يطلقون عليهم ( المناطقة ) , و لذلك نقول حينما لم يجد الصحابة معنىَ مفهوماً و واضحاً لكلمة في القرآن الكريم أو السُنـَّـة النبوية الشريفة أو حادثة جاءت في القرآن الكريم , بحثوا عن تفسير لها في السُــنــَّة النبوية الشريفة فإن لم يجدوا عن المفردة أو الحادثة التي يريدون تفسيرها من القرآن الكريم شيئاً في السُـنــَّـة النبوية الشريفة لجأوا إلىَ أشعار العرب القُدَامىَ السابقين على الإسلام فإذا وجدا معنىَ كانوا يبحثون عنه أو حادثة كانوا يبحثون عن أصلها , أظهروها للناس و فسروا القرآن الكريم على هذا الأساس , و هم مشكورون و لهم الفضل الأول في إظهار العلم للناس , و لكنهم لجأوا لأشعار العرب اضطراراً لأنه لم يكن لديهم أي خيار آخر للبحث عن المفردات و الوقائع التي جاءت في القرآن الكريم و كانت موجودة في الأمم السابقة على زمن الرسول صلى الله عليه و سلم , و صحابته رضي الله عنهم و أرضاهم , و حينما يجدوها يستشهدون بها , فالصحابة رضي الله عنهم ليسوا مثلنا في هذا الزمن المعاصر , فنحن نمتلك المعلومات الغزيرة ووسائل البحث عن المعلومات , بل و نستطيع الحصول عليها مفهرسة و ممنهجة بطريقة علمية مُرَتَّبَة سهلة مُيَسَّرَة , أمَّا هذا الجيل الفريد الفذ , فقد عانىَ كثيراً في تحَمُّل أعباء الدعوة الإسلامية و عدم وجود المعلومات الكافية عندهم في ذلك الزمان البعيد , و كانوا مضطرون لحمل أعباء الدعوة و تكملة الطريق بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم , فجاهدوا و أكملوا الطريق و مهدوه لنا و حفظوا بذلك أشعار و تراث و تاريخ العرب , جزاهم الله تعالىَ و أثابهم خير الجزاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثالثاً
ــــــــــ
أهمية اللغة العربية في تقريب الشعوب الإسلامية و محاولة المستعمرون المعاصرون إبادتها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و اللغة العربية هى اللغة الوحيدة للتقريب بين المسلمين عن طريق القرآن الكريم , و أغلب المسلمين في جميع أنحاء الأرض يحاولون تعَلُّم اللغة العربية لكي يقرؤوا بها القرآن الكريم , و من هنا كانت اللغة التي تعمل على توحيد ما يزيد عن مليار مسلم على مستوى العالم و لذلك يريد المستشرقون و المستعمرون في هذا العصر المعاصر أن يطمسوا معالمها و كسرها و وأدها حتى يعملوا على تفكيك الشعوب المسلمة , و لا أدلُ على ذلك من هبوط المستوىَ اللغوي للإعلاميين العرب و الفنانين العرب و كذلك هبوط مستوى تدريسها في المدارس الإبتدائية و الثانوية في جميع أنحاء العالم العربي , فتجد الشعوب العربية تستخدم اللهجات المحلية و اللغة العاميَّة أكثر من استخدامها للغة العربية الفصحى , و لذلك من الضروري أن تحمي الحكومات و الشعوب العربية لغتها العربية بكل ما أوتِيَت من قوة
[ فإن لغة العرب كان ولم يزل لها المكانة الأعلى ، والمقام الأسمى ، ذلك لأن بها يعرف كتاب ربّ العالمين ، وسنّة خير الأولين والآخرين وأكرم السابقين واللاحقين
صلوات الله عليه وعلى سائر النبيين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
اجتهد أولو البصائر والأنفس الزاكيات ، والهمم المهذبة العاليات في الاعتناء باللغة العربية ، والتمكن من إتقانها بحفظ أشعار العرب وخطبهم ونثرهم ، وغير ذلك من أمرهم ، وكان هذا الاعتناء في زمن الصحابة الأجلّاء رضي الله عنهم، مع فصاحتهم ومعرفتهم في أمور اللغة وأصولها . فلقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يحفظ من الأشعار والأقوال ما لا يحصى ، وما ضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأولاده إلا لتفريطهم في حفظ العربية ، وأما ثناء الإمام الجليل الشافعي رحمه الله وحثه على تعلم العربية في أول رسالته ، فهو مقتضى منصبه وعظم جلالته ، ولا حاجة إلى الإطالة في الحث عليها . فالعلماء مجمعون على الدعاء إليها ، بل شرّطوها في كتبهم واتفقوا على تعلمها وتعليمها من فروض الكفايات
لم يشتهر بالتفسير من الصحابة سوى عدد قليل ، عدّهم السّيوطي وسمّاهم ، وهم الخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس ، وأبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير . أما الخلفاء ما سوى الإمام عليّ ، فقد قلّ ما نقل عنهم ، لانشغالهم بمهام الخلافة ، وتقدم وفاتهم ، ثم لوجودهم في وسط أغلبه عالمون بكتاب الله عز وجل ، عارفون بمعانيه وأحكامه ، عرب تقل لديهم الحاجة إلى الرجوع في التفسير إلى غيرهم
أما الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، فكان أكثر الخلفاء رواية ، فتأخّر الخلافة عنه مدة خلافة الثلاثة منحه فرصة يتفرغ بها للعلم والتعليم . ثم إن تأخر وفاته أوصله إلى زمن كثرت فيه حاجة الناس إلى من يفسر القرآن ويشرح الأحكام، وكادت فيه تضيع خصائص اللغة العربية بدخول الأعاجم في الإسلام ، واختلاطهم بالعرب , أما ابن عباس فبإجماع معاصريه ، كان مفسر القرآن الأول . ولنعم ما وصفه به ابن عمر إذ قال :
( ابن عباس أعلم أمة محمد بما نزل على محمد ) ]
( المصدر : كتاب : مسائل نافع بن الأزرق ــ غريب القرآن في شعر العرب ـــ باب : المقدمة ـــ الصفحة : 12 )
و لعلنا ندرك أهمية لغتنا العربية فنحافظ عليها , ففيها قوتنا و فيها بأسنا و اتحادنا و بدون تتفكك الشعوب العربية و يسهل اختراقها و تفتيتها و استعمارها , فاللغة العربية حائط سد منيع بيننا و بين التفكك و الإنهيار
و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم

القاهرة \ ديسمبر \ ليلة الأحد 19 \ 12 \ 2021 م
الساعة 16 و 1 ليلاً \ أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) كاتب و شاعر و باحث \